الاثنين، 6 فبراير 2012

هل الدولة الارترية فاشلة أم مفتري عليها؟

06.02.2012

 

الحسين على كرار
يدعي النظام الارترى أنه حقق انجازات كبيرة منذ أن استلم السلطة بعد الاستقلال في كافة المجالات ووضع بنية تحتية قوية للدولة وإنه عازم الاستمرارفي تحقيق هذه الانجازات المبهرة التي اعترف له بها أعدائه قبل أصدقائه بينما يرى الكيثرون من الشعب الارترى بأن نظام الحكم في ارتريا جعل منها دولة فاشلة وأن نسبة اللجوء والهروب بسبب الفقر والاضطهاد أصبحت أعلي مما كانت عليه في زمن الحرب قبل الاستقلال ، فأيهما أحق ؟ وماهو معيار الفشل والنجاح للحكم علي ذلك؟ أعتقد أن المعيار في ذلك يرجع لإدارة الدولة السياسية والاقتصادية وإدارة الخدمات المدنية لأن الدولة هي المشروع الكبيرالذى يحتاج إلي خطط عديدة لتعدد مرافقها وتحتاج إلي منفذين وموجهين ومتابعين ومدربين واستشاريين كل له صلاحياته وإختصاصاته ومسئولياته وتحتاج إلي رؤوس الأمول الكبيرة وتحتاج إلي فترات زمنية محددة لإنهاء مشاريعها وتحتاج إلي جودة الأداء كما تحتاج إلي المعارف والسرعة في التنفيذ…الخ ، والهدف النهائي هو الانجاز الصحيح الذي يعتبر الربح الحقيقي للمجتمع . وأنا أبحث هذا الموضوع لست متخصصا في علم الادارة ولكن من تجاربي الشخصية في المبيعات التي أعمل بها منذ خمسة وعشرين عاما ومما جمعته من معلومات من دورات تدريبة عديدة من محاضرين عرب وأجانب في مجالات مختلفة من فن البيع والقيادة والاشراف والمتابعة والاتصال وجودة الاداء وتنفيذ الخطط لتحقيق الارباح وحماية الشركات من الخسائر ، من هذا المنطلق أقيم أداء النظام الارتري قد يكون هناك نقص في المعلومات ولكن أداء النظام معروف ومقروء ، ولتقريب الصورة والإختصار نتصور بأن هناك شركة أسند ملاكها إدارتها إلي مجلس ادارة يديرها وهناك رئيس تنفذي ومدراء اقليميين ومدراء فروع ومشرفين حتي الوصول للمناديب الذين هم حلقة الوصل بين العملاء والشركة في أدنى السلّم كل له مجاله الخاص في العمل والنتيجة المطلوبة من الجميع هي المبيعات الممتازة والتكاليف القليلة لتحقيق الأرباح أما إذا كانت المبيعات سيئة والتكاليف كبيرة فالنتيجة خسارة الشركة التي تستتبع معرفة الخلل وتصحيحه ، ولكن في كلا الحالتين الربح والخسارة فالادارة لها الدور الكبيرفي النتيجة المحققة وهذا يتوقف علي أداء دور القائد كما تقول المدارس الادارية هل هو قائد دكتاتوري متسلط استبدادي ؟ أم هو قائد مشارك الاخرين في مسئولية العمل ؟ هل هو قائد يحبذ الاخرين في العمل بالترقيات للمنجزين وزيادة الرواتب ووضع الحوافز والعمولات للعاملين الذين تهمهم مصالحهم الخاصة مقابل ما ينجزونه من عمل جديرلزيادة المبيعات ومن ثم الأرباح؟ أم هو قائد يبخل عليهم ذلك ويحاول أن يحقق الأرباح على حساب العاملين بمنع الترقيات والزيادات والحوافز فيطرد الكفاءات التي تذهب للمنافسين ويهزم الروح المعنوية للعاملين ويتسبب في خسارة الشركة ؟ إذا نقلنا هذه الصورة المصغرة إلى ادارة الدولة الارترية واعتبرنا الشعب الارترى هو المالك وصاحب الشركة وأن الرئيس الارترى هو رئيس مجلس الادارة فسنجد في أول وهلة أن الرئيس يمثل دور القائد الدكتاتوري المتسلط الاستبدادي البخيل الذي لا يكافىء علي الانجازات ويطارد الكفاءات ويحطم المعنويات ، نجده إغتصب السلطة من الشعب ( المالك) ونجده قضي على رئيس الوزراء الذي هو بمثابة المدير التنفيذي في الشركة وقضي علي الوزراء الذين هم بمثابة المدراء الاقليميين في الشركة وقضي على حكام الاقاليم الذين هم بمثابة مدراء الفروع في الشركة ووصل القاع ليتعامل بنفسه مع الافراد في أدنى السلّم فأصبح يآخذ على عاتقه دور المندوب الذي هو الوسيط بين العملاء والشركة وبهذه الاقصاءات الكبيرة نجده تضخمت مسئولياته في التخطيط والتنفيذ والمتابعه والتوجيه وانعدام المعلومة والمعارف ، ونجده بخيلا علي العاملين لإنعدام التنظيم للسّلم الاداري في الدولة وتنظيم الوظيفة العامة وقانون العمل والعمال وانعدام الترقيات والمرتبات بشكلها الصحيح وعمد أن تحل السخرة محل عمل الرواتب والاجورالمنظمة وبذلك هربت الخبرات حتي التي وفرها لأن الأفراد يعملون لمصالحهم وطموحاتهم فأفرغت كل هياكل الدولة ومشاريعها من الكفاءات وتعطلت المشاريع وتوقفت خطط العمل ونتيجة لهذا التضخم في المسئولية أصبحت المسافة بينه وهذه المرافق والمؤسسات والشركات بعيدة فساد التسيب والفساد وعمت الرشوة وازدهرت الاختلاسات والسرقات وساد روتين البيرقراطية القاتل وتدهور مستوي الخدمات والتعليم فحصلت الخسائر الكبيرة فوقف حائرا عندما قال ماذا أفعل إذا كان البعض سارقا والبعض الاخر مخمورا ووضع المسئولية وأسباب الفشل علي هؤلاء الاخرين و لم يعالج الأسباب لأن ذلك يعني نهاية النظام مما يعني استمرار الخسائر في شركته والقبول بهذه الخسائر ، يقول – روجر مارتن – في كتابه فيروس المسئولية - في العلاقة بين المدير الدكتاتوري والعاملين (1) (معظم الناس يعيشون واحد من نمطين الاول : نمط القائد العنتري والمدير شديد المراس والثاني : نمط المرءوس السلبي والموظف المغلوب على أمره ، والنمطان غير فاعلين: لأن أيا من النمطين يلحق ضررا بالغا يطال المؤسسة والعاملين والعملاء ، فماهو السبب فى هذا السلوك الضار؟ السبب أولا : – الخوف من تحمل المسئولية ومن الفشل ، هذا الخوف يجعل الفشل نتيجة حتمية لا مناص منها ، ثانيا : – الخوف من توزيع المسئولية وتفويضها مع الصلاحيات للآخرين ، وهذا الخوف هو من الفشل ، والسلوكيات التي تتسبب فيه و تترتب عليه هو ما نطلق عليه فيروس المسئولية ، وهو يصيب المؤسسات والمنظمات الربحية وغير الربحية كبيرها وصغيرها ويكبدها تكاليف مدمرة تنال منها ومن موظفيها ، القائد العنتري يأخذ على عاتقه مسئوليات أكبر مما يتحمل ، أما التابع أو المرءوس السلبى فلا يتصدي إلا لأقل القليل من المسئوليات ، فلا توجد شخصية القائد العنتري إلا بوجود المرءوس السلبي وبالعكس لا توجد شخصية المرءوس السلبي إلا بوجود القائد العنتري ، القادة العنتريون علي قناعة من أن مرءوسيهم السلبيين لا يستطيعون تحمل المسئولية ومن ثم يتحملون هذا العبء ، فيما يحس المرءوسون السلبيون أن المسئولية نزعت منهم وينسحبون مبتعدين من ميدان المنافسة) وهذا ما هو حاصل في إدارة الدولة الارترية ، وفيما يتعلق بتوفير رءوس الأموال الكبيرة للمشاريع فالدولة الارترية حديثة الاستقلال لم يكن لديها تراكم الأمول حتي القليل منها للقطاع الخاص هربت ، وخافت على الإقدام رءوس الأموال الاجنبية من السياسات المتبعة ، ولهذا عجزت الدولة أن تقوم بتنفيذ المشاريع الكبيرة وما قامت به من المشاريع معظمه عمل ترميم لمشاريع سابقة كانت قائمة وإذا كان هنا أوهناك بعض المنشآت الصغيرة التي يفتخر بها النظام فإن هذه لاترقي للعمل الكبير وكان بمقدور القطاع الخاص أن يقوم بأفضل منها إذا أتيحت له فرصة العمل المنافس لأن كثيرا من السدود والطرق التي أنشأها النظام جرفت وكثيرا من المدارس سقطت مما يعني أن هذه المنشآت تفتقر الجودة ، وكذلك نجد التخلف في خطابه السياسي الداخلي وهوما يسمي في الشركات بالاتصال لأنه مهم لأداء العمل في الدولة لأنه يخاطب الفرد الذي يراد إقناعه وطمأنته بتحقيق مصالحه الحياتية لتكسب الدولة ثقته ويدعم خطابها السياسي للاستفاد ة منه ، أما في الشركات فهذا الطرف هو العميل فإذا أقنع المندوب وهو ممثل الشركة العميل ووثق فى خطابه سوف تتم صفقة البيع وإذا كان خطاب المندوب ضعيف ومشوش سوف تفشل الصفقة نتيجة خوف العميل وتحفظاته ، ولا يشترط أن تكون الصفقات كبيرة فبايعة الطماطعم والبصل والجيرجيرالمعروض على أرصفة الشوارع إذا باعت نصف كيلو طماطم تعتبر أتمت الصفقة بنجاح لأنها أقنعت العميل وكسبت رضاه وحققت لها الفائدة ، فالخطاب السياسي للدولة لإقناع الفرد للتأثيرعليه يحتاج أن يكون واضح ومقنع حتي يتقبله هذا الأخير و يحترمه ، ويقول الدكتور / احمد سيد علي – في احدي محاضراته التدريبية عن فن الاتصال أن تكون وسائل الاتصال للإقناع من المرسل إلى المتلقي واضحة غير مشوشة وأن تكون صادقة لا فيها غش ولا تدليس وأن تكون مقنعة غير ضعيفة وأن تكون مرنة ليس فيها غطرسة ولا استعلاء وأن تكون موجزة مختصرة غير مملة لتجد الثقة ويتقبلها الطرف الاخر ، ووسائل الاتصال إما أن تكون عبر الحديث المباشر أوعبر الهاتف أوعبر الخطاب المكتوب المرسل عبر البريد أو الفاكس أو الايميل و لها شروطها لتكسب الثقة والنجاح ، فهل الدولة الارترية عبر خطابها السياسي الداخلي والاعلامي ناجحة من خلال شروط النجاح للاتصال؟ هل خطابها واضح غير مشوش؟ هل خطابها صادق غير مدلّس؟ هل خطابها مرن غير متعجرف؟ هل خطابها مقنع غير ضعيف ؟هل ما تنقله وسائل إعلامها حقائق صادقة؟ ووووو ؟ فالأسئلة كثيرة ولا تحتاج إلي إجابات و لكن ماذا عن إدراة الخطاب السياسي الخارجي ؟ يمكن من واقع حاله أن نصف إدارته بانها أشبه بأسد جائع هائج قفز من حديقته وأصبح يطارد الغزلان في حدائق الآخرين عساه يفترس غزالة أعياها الجري أو إنهارت قواها من الخوف فسقطت لتدر له الكنوز المحمولة من الدولار ودرر الذهب لإسكات جوعه ولكنه بدل أن يفترس تلك الغزالة سقط في شرك العقوبات ووضع في قفص الإتهام و أرغم أن يتناول ما يقدمه له حراس الحديقة من الطعام
فهل يعتبر النظام فاشل أم مفترى عليه؟
(1) خلاصات كتب المدير ورجل الاعمال اصدار شركة شعاع العدد 256 عام 2003

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المغيبين واالمختطفين فى سجون العصابة الحاكمة فى ارتريا