بقلم / عثمان على (عليو ) سويسرا
إن ربيع الديمقراطية لحظة فارقة في التاريخ السياسي الراهن من المنطقة ، فقد تمكن الشباب العربي في كل من تونس و مصر ، وليبيا من إسقاط أنظمة حكمت لعقود من الزمن وهناك بعض الانظمة فى طريقها الى السقوط كل من اليمن وسوريا فهى تصارع من اجل البقاء والحفاظ على مكتسبات الاسرة المالكة فهى تتمسك بالسلطة لاخر نفس وتراهن على عامل الوقت ومدى صبر الثوار ولكن هذه النظرية تظل قاصرة وغير ذى جدوى مع شباب يؤمن بحتمية التغيير والتطلع الى فجر جديد . فهذه الانظمة برمتها ظلت إلى حد قريب قلاعا حصينة للاستبداد والقمع والقهر وتتسم بحكم الحزب
الواحد والاسرة الحاكمة والطبقة المالكة لكل مفاصلة الدولة الاقتصاديه والسياسيه وتستمد وجودها وضرعيتها من قربها للسلطان والتطبيل له ، وبعد جولات الحسم والمواجهات القوية مع هذه الشلة المنتفعه أثبت الشباب العربي على قدرته لقيادة التغيير وتحمل تبعاته والحفاظ على ثورته من تحريف مسارها وسرقتها ما بعد التغيير . فهذه الموجه الربيعيه سرعان ما انتقلت من قطر لاخر وكأن المنطقة كانت فى حالة ظمأ وصيام لعقود من الديمقراطيه والحريه ، فتلقفت الموجه واحتضنتها فما ان وجدت الفرصه انقضت على تلك الانظمة التى كانت ترى فى نفسها القوة الضاربة .فرأينا حالة التحول الديمقراطي يسود المنطقة وكأنها اكتست ثوبا جديدا دون مقدمات او سابق انذار فعجزت الانظمة البوليسيه من صد ودحر هذه الثورات الشبابيه ، فقد تحطمت وإنهارت القوة التى كان يراهن عليها الدكتاتوريات وتبدد الحلم وكانت نهاية التوريث والحكم الابدي فهذه كانت بمثابة النقطه الفاصلة فى تاريخ المنطقة ، وإكتسبت الشعوب من هذه الثورات ثقافة الإحتجاجات والتظاهر ذو الطابع السلمى ضمن مطلبها الجوهري " مدنية الدولة ودمقرطة المجتمع " . وهذا الحراك الشبابي الحر فى المنطقة دفع الشباب الارتري للتفاعل مع واقعه فى كل امكان تواجدهم وذلك ساهم في تأسيس حركات شبابيه احتجاجية مطلبية ، شعارها اسقاط النظام الدكتاتورى في ارتريا ومضايقته وكشف ممارساته الغير اخلاقيه والسعى فى بناء دولة القانون والمؤسسات وان يكون الشعب مصدر السلطات .
إن الكم الهائل من الشباب الارتري الذي أطلق صرخته الداعية إلى التغيير وعبر عن ذلك بتنظيم المظاهرات والمسيرات والوقفات الاحتجاجيه ، فاليوم الشباب الارتري على استعداد لتحمل المسؤليه اكثر من أي وقت مضى وقد شمر عن ساعده وكشر عن انيابه لمواصلة الكفاح والنضال حتى تحقيق دولة القانون .
إن إرادة التغيير التي انبثقت من قناعة الشباب لا يمكن التراجع عنها مهما كانت المعوقات والعقبات . إنه الشباب الذي آمن بأن الشارع هو مفتاح الديمقراطية ومن هذه البوابة المفتوحه ينتظم الشباب لمقاومة نظام اخذ شرعيه بالقمع والاستبداد وقوة السلاح مما عطل عملية التقدم وشل عملية التطوير وبناء الانسان الارتري وعمد على تطويع عدد كبير من الإطارات والتنظيمات لكى تعيش فى حالة تخدير وخارج دائرة الصراع وقذف بها الى الركون والانشغال بالذات اكثر من مقارعتها ومقاومتها للنظام مما ادى ذلك الى فقد صلتها بالجماهير ولم تعد قادرة على إبداع مشروع مجتمعي يمثل كل المكونات الارتريه واتاحت بذلك الساحه للنظام حتى أبقى على مظاهر التخلف المجتمعي داخل الوطن وخارجه وانفرد بالساحه .
فنجد الشباب الارتري تخطى دائرة السلبيه التى كانت تلازمه لفترة ليس بالقصير وتعاطى مع الواقع الجديد بصورة جيدة وبإنفتاح اكبر فانها البدايه والانطلاقه . الشباب الارتري احدث طفرة للقضيه الارتريه واعطاها الحيويه ودفع بها نحو الافضل ورجح كفة المعارضة على النظام برغم من بعدهم عن الأطر التقليديه والاحزاب السياسيه التى تمثل العنصر الرئيسي فى عملية التغيير ففرضوا انفسهم على الساحه السياسيه ويمثلون الضلع الرئيسى للمثلث السياسي اى المعارضة ، النظام ، الشباب ، واحتل الشباب هذا الضلع فى ظل غياب منظمات المجتمع المدنى التى كانت تمثل هذا الضلع .
ولايمكن تجاوز هذه القوة الفاعله والضاربه من اى قوة كانت وهذا التواجد القوى اكتسبه الشباب عبر تحريك الشارع الارتري وتنظيم الاحتجاجات والمظاهرات التى ابهرت كل المراقبين للشأن الارتري فى كل من سويسرا وامريكا والمانيا والقاهرة وبريطانيا فعبرهم اتضحت ملامح التغيير وانجلت السحابه السوداء التى كانت تغطى سماءنا لمدة عشرون عام .
فماذا بعد هذ الحراك الشبابي المنقطع النظير ؟؟؟؟ فيجب على الشباب الارتري ان ينظم صفوفه ويأطر نفسه حتى يلامس التطلعات والرغبات الجماهيريه التى تعول عليهم كثيرا من اجل الإتيان بالتغيير ، فإن هذه الجماهيريه كانت فقدت الامل واستسلمت للواقع المرير .
نناشد كل الشباب الارتري لكى يسعى جاهدا من اجل ان يكون هذا الحراك دائم ومتواصل حتى تكلل هذه الخطوات المباركات بالنجاح ونصل الى الحلم الذى يرودنا جميعا .
فيجب علي الشباب الارتري اين ما كان على حسب تواجده ان ينظم صفوفه ويعمل تحت إطار شبابي تستوعب كل الطاقات الشبابيه وتوظف الامكانيات والقدرات و يبدع ويخرج كل ما لديه حتى يثبت انه يستطيع تحقيق حلمه وحلم امته وبذلك يكون قوة ضاربه وتخلق التوازن فى الساحه الارتريه ويحقق التغيير المنشود .
فاذا ذهبنا على هذا المنوال من العطاء والمواقف المتقدمه سننجح فى كسر شوكة النظام فى الخارج ثم يسهل علينا فرض مطالبنا على النظام واخضاعه للجلوس حول الطاولة المستديره التى كان يتهرب منها دوما بعدم الاعتراف بوجود معارضين له ونترك ما تبقى لاصحاب الشأن من السياسيين والتنظيمات لكى تكمل المهمة ونكون نحن كشباب اداة ضغط على كل الاطراف من اجل الوصول الى الدولة المدنيه وسيادة القانون .
فان عالم اليوم لايعترف بالضعفاء ولايعترف بالحقوق الا عبر القوة والقوة ليس حصرا على حمل السلاح بل هناك قوة اخرى نستطيع ان نراهن عليها وقد اثبتت نجاحها على مدى التاريخ وهى القوة البشريه وإرادتها وثباتها امام الة القمع والاستبداد .
لاباس للعمل المسلح مع التوازى للعمل السلمي فى نهاية الامر كلها وسائل من اجل الضغط واحراج النظام وثم انتزاع الاعتراف للجلوس الى التسويه السياسيه . وهذا ما فشلت وعجزت عنه القوة التقليديه فى كل المنطقه ولاسيما المعارضة ا لارتريه لم تستطيع ان تقطع شبرا فى هذا المضمار .
وعبر هذا المقال اذ نهيب بالشباب الارتري ان ينتظم فى صفوف الحركات الشبابيه ويتقدم الصفوف ويخوض الحراك السياسي الذى انطلق فى العواصم الغربيه ، فحان الوقت ليتصدر الموقف ويضع لبنات التغيير ويتحمل مسؤليته نحو شعبه ووطنه.
ولابد من وضع استراتيجه بعيدة المدى ويكون هناك تنسيق على اعلى مستوى على حسب التواجد وبالذات فى الفعاليات والمناشط حتى تعطى هذه الاحتجاجات اكلها فى الوقت القريب ويكون انعكاس للقضيه على المجتمع الدولى والاقليمي وثم تنال القضيه الارتريه حظها من التغطيه الاعلاميه والاهتمام من المجتمع الدولى .
نعم هناك عقبات على الارض وابرزها البعد الجغرافى بتواجد الارتريين فى اقطار وقارات مختلفه ومتابعدة وكذلك الابتعاد عن ارض الوطن فهذا ربما يصعب مهمته على وجه الخصوص ولكن فى النهاية المطاف هذا لا يمنع الشباب الارتري من العطاء والعمل ودفع عجلة التغيير ، فيجب ان نؤمن بان كل واحد منا يعطى بما هو متاح له وفى اماكن تواجده وعلى حسب بلد الاقامه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق