السبت، 7 مايو 2011

جنيف بداية الزحف الى اسمرا

هنا من مدينة جنيف – سويسرا
بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا 
لا أدرى من أين أبدأ الحديث ، فالأمر يفوق التصور ويعجز عنه التعبير ، ماذا أقول فى حق الثوار الأحرار شباب المستقبل!!! الذين صنعوا الحدث وجسدوا كل المعانى التى كانوا يرددونها عبر مواقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك وغيره ...
كانت البداية مشرفة ومشرقة وحملت صراخ المظلومين فى الداخل والمحرومين فى الخارج ، فكان عرس وطنى بإمتياز ونجومه شباب الفيس بوك ، الشباب طوى صفحة الصمت وقاطع الماضى ونزل للعمل وتحمل المسؤلية . وأعلن تدشين عهد جديد سطره بحناجره وسواعده ورسم لوحة تشكيلية تحمل معانى الأصالة والإنتماء ليعيد الأمل للأمهات الثكالى وللأخوات الحيارى وللأباء العاجزين ولأهالى سجناء الرأي والضمير ..
الآن دقت أجراس العمل بين صفوف الشباب الارتري فى المهجر ، وحملوا هماً واحد خرجوا للشوارع والميادين وغايتهم التغيير ونبرة صوتهم تسترخص المهج والأرواح من أجل ارتريا . فالشباب قال كلمته وكان حديثه فصلاً فى الخطاب وأعطى إشارة لكل القوى السياسيه أنه يستطيع أن يعمل ويستطيع أن يخلق الحدث ويكون نواة الإنعتاق والنضال والتغيير والتحرر ، وأعطى إشارة إنذار للعصابة التى تحكم الوطن أنهم قادرون أن يصنعوا المستحيل وأن صوتهم لن يتوقف فى المهجر وأن شباب الداخل جزء منهم وهم جسد واحد والدماء التى تضخ في عروقهم وشراينيهم تنبض من قلب واحد وبالتالى سيكون هنالك وصل وربط لشباب الداخل بالخارج ..

لقد إجتمعت الإرادة وتألفت الأرواح وتواصلت فكان المشهد مشهداً وطنياً بإمتياز ، الكل يبكى ويصرخ بإسم ارتريا ولسان حالهم نحن جميعا من تلك الأمة وذاك المجتمع الذى يمارس ضده النظام أسوء أنواع القمع والتنكيل . والتظاهرة أكدت أننا مسلمين ومسيحيين يد واحدة وصف واحد ونسموا فوق الجراح ونترفع عن صغائر الأمور، فارتريا هى الأم التى تضمنا فى حضنها ونرتوى بحنانها ، وكان الهتاف أن يسقط اسياس ويرحل . والجموع كانت تهتف الشعب يريد إسقاط النظام و (هقدف عدنا قدف ) و(قادمون قادمون الشباب قادمون ) و ( إنهض إنهض ياشباب حان وقت النضال ) وغيرها من العبارات التى تعبر عن السخط والغضب من الشباب الارتري على هذا النظام القمعى ..
بدأ المشهد أمام مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف يكتسى بألوان جميلة أخذت رونقها من العلم الارتري ومن الشعارات البراقة التى حملت معانى التغيير فى سيموفنيه متناسقة فاحت من بين ثناياها العزة والكرامة والشموخ والإباء ، فبدأ الشباب يتقاطر زرافاتاً ووحداناً مثل السيل فأغرق الساحة هديراً وتدفقت الجموع الشبابيه ، وكان كل (قطار) يأتى يحمل شباب ذو السحنة السمراء الممزوجة بلون الذهب والتى ترمز على أن هناك ارتريون قادمون الى قافلة التغيير ويلتحقون بإخوانهم وبني وطنهم ويحملون شعارات رسموها وسطروها بأناملهم وبصموا عليها بأيديهم .
بداية العرس خرج للجموع المناضل الثائر أقليواى ( موداى ) مهنئاً القادمين ومرحبا بالضيوف وشاكراً كل من سعى من أجل أن يجعل الحلم واقعاً نعايشه وعلى رأسهم منظمة السلام والديمقراطية وهى منظمة مجتمع مدنى ارترية بسويسرا التى أشرفت على أمر المظاهرة وثم شكر سعي المعارضة الارترية والمستقلين الذين قاموا بواجبهم الوطنى ، وعرج على الأهداف التى من أجلها نظموا هذه المظاهرة ووضّح الخطوات التى سيتبعونها من أجل تحقيقها ، والتى قدِموا من إجلها مئات الشباب .. وثم بدأت الحشود تنهال على النظام بالسخط والغضب وتوالت العبارات والشعارات والهتافات بينما نحن نعيش تلك اللحظة ونتطاير من الفرح ونتفاعل مع الحدث من الأعماق ونعانق بعضنا البعض ونصيح بأعلى أصواتنا يسقط يسقط اسياس.. خرجت لجنة تتكون من ستة أفراد من أجل مخاطبة الجهات المختصة ولتشرح لهم الواقع الذى يعايشه الارتريون فى الداخل والخارج ، فكانت اللجنة تتكون من لجنتين : اللجنة الأولى : من ثلاثة أفراد لمخاطبة ممثلين مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة وتسليمهم رسالة بهذا الخصوص وهم (الاستاذ/ احمد سرور والاستاذ/ يمانى والاستاذ/ بنيام ) .
اللجنة الثانية: من ثلاثة أفراد لمخاطبة ممثلين المفوضية الساميه لشؤن اللاجئين و تسليمهم خطاب بهذا الخصوص وهم ( الاستاذ/ مراجو والاستاذ/ سعيد صالح والاستاذ/ سناي ) وإستغرقت الجلسة حوالى 45 دقيقية وشرحوا لهم الواقع الارتري بكل تفاصيله.. وبخصوص الشق الذى يخص مفوضية اللاجئين شرحت لهم اللجنة واقع الإنسان الارتري وما يعانيه إبتدءاً من الحدود السودانيه وفى كل الأماكن التى يتواجد فيها الارتريين والخطر الذى يواجههم ، وكان وضع اللاجئين الارتريين فى ليبيا وسيناء حاضرا فى المحادثات وناشدتهم اللجنة بالتدخل السريع وأن الأمر لايحتمل التأخير ، وكان هنالك تجاوب وتعاطى إيجابي من المفوضية ، فى الشأن الليبي تحدث ممثل المفوضية ان هناك 4000لاجئ ارتريا على الحدود الليبيه التونيسيه وهم فى قيد التسجيل وساعين من أجل توطينهم لدولة ثالثة وأمرهم شبه محسوم ، أما من هم فى طرابلس ناشدت المفوضية السامية اللجنة على أن تبعث رسالة الي اللاجئين الارتريين بتوخي الحذر وعدم الخروج من منازلهم حتى يهدأ الوضع ومن ثم تستطيع المفوضية أن تباشر مهامها . أما بخصوص سيناء تحدث ممثل المفوضية أن الأمر فى الحسبان والمفوضية تسعى لمعاجلة المشكلة مع الجهات المختصة وتعمل ما بوسعها من أجل إيجاد حلول ... فتحدث ممثل المفوضية مع اللجنة انهم يحتاجون للتواصل معهم ودعمهم بالمعلومات والمستجدات .. وسوف يقومون بايصال الرسالة للجهات العليا ويفعلون ما بوسعهم .
الشق الثانى: ما يخص اللجنة التى جلست مع ممثلين من مجلس حقوق الانسان فقد شرحوا لهم شرحا وافياً عن الأوضاع فى ارتريا وما يجرى للشعب فى الداخل وان كل الحريات مكبوته وممنوعة وعلى رأسها حرية الكتابة وحرية التعبير وحرية التعليم وحرية الحركة وحرية العمل فالوضع لامثيل له ، ومعاناتنا لا تنحصر فى اللجؤ وغير ذلك بل هناك نظام قائم فى ارتريا هو المتسبب فى هذه المعاناة فنناشد المجتمع الدولى أن يتعامل مع هذه المسألة من هذه الزاوية وعدم حصر مشكلتنا فى اللجؤ والتوطين ويجب الذهاب الى إستئصال وبتر المشكلة من جذورها ، وناشدوا مجلس حقوق الإنسان والامم المتحدة لكى يستخدموا أدوات ووسائل أخرى من أجل التضييق على النظام وخنقه ويجب أن يعلموا فى كل يوم يستمر فيه النظام هناك شعب يقتل ويعتقل ويباد ،.. وأشاروا الى أن القرار الصادر من الامم المتحدة 1907 صدر بناءاً لتدخل النظام فى شئون دول الجوار ، ولم يكن حيال سلوكه نحو الشعب الارتري مما نتج عن ذلك أزمة انسانيه .. وبذلك نناشد الامم المتحدة علي أن تتخذ خطوات إجرائيه وعمليه نحو العصابة الحاكمة فى ارتريا وتضع حداً لممارساتهم الإستبدادية والقمعية وتضع حداً للتنكيل والقتل والإعتقال التعسفي ، وتذهب أكثر من ذلك فى الضغط على النظام من أجل إنقاذ الانسان الارتري ... فكان هناك تجاوب كبير جدا من طرف ممثلين حقوق الانسان وتحدثوا على إنهم سوف يعملون ما بوسعهم ولن يقصروا .
اما بخصوص هذه الرسالة فسيرفعونها الى أعلى المستويات ، ايضاً تحدثَوا على ان وفد النظام الارتري سوف يتعرض للمساءلة عندما يشارك فى الجلسة القادمة لمجلس حقوق الانسان وهذا الخطاب سيوجه اليه فى شكل مساءلة وإستجواب ولن يترك الأمر هكذا ..
وهنا نؤكد ان المظاهرة حققت أهدافها ونجحت بتحقيق التالى:
أولاً : طرقت بوابة المجتمع الدولى عبر مخاطبة ومراسلة الجهات الرسمية المختصة.
ثانيا : حشد أكبر عدد من الشباب الارتري فى مدينة جنيف لوحدها حيث بلغ العدد أكثر من ستمائة شخص وهو حشد غير متوقع على الإطلاق .
ثالثاً : جاهزية الشباب لقيادة مرحلة التغيير ..
رابعاً : التضييق إعلاميا على النظام ..
خامساً : توحيد الصف الوطنى وتجاوز الأطر التنظيمية والخلافات القبلية والمناطقية والطائفية ..
وكان المثير تصميم الشباب وإصرارهم وحضورهم المتألق جعل الحدث أكثر لمعاناً وبريقاً ومعظم الحضور كان من فئة الشباب وأتى بمحض إرادته ودفع من ماله الخاص حتى يكون ضمن الحضور ولم يتبنى تنظيماً معيناً ترحيلهم رغم مشاركة قيادات سياسية بارزة . والأهم من ذلك كان تلاحم المسلمين والمسيحيين فى المظاهرة وتجسدت الوحدة الوطنية فى مشهد رائع.. والشيء الذي يستحق الوقوف والإشادة إندفاع الشباب نحو العمل والظهور وتصدر المشهد كانت بمثابة رسالة إنذار لرحيل نظام العصابة فى ارتريا ، ورسالة لشعبنا فى الداخل والخارج بأننا نحن أبناءكم ولن ننساكم ومعكم قلبا وغالباً ولن نتراجع عن حقوقكم ، فصوتنا هو صوتكم وألمنا هو ألمكم ..
وهنا أحمل رسالة لشباب الداخل بأننا سوف لن نترككم لوحدكم وسوف نكون سندكم ورصيدكم فى الخارج عليكم أن تنطلقوا وتحملوا شعلة التغيير وتنتفضوا على جلاديكم وعلى مصاصي الدماء الذين سلبوا حقوقكم وسرقوا طاقات الوطن ومقدراته وشوهوا صورة ارتريا التاريخ وارتريا الوطن . لا تهابوهم ولا تخشوا احد ، وستجدون منا كل الدعم والوقوف بجانبكم وبجواركم فى كل المحن فنحن منكم وانتم منا...
وفى هذه العجالة وفى الختام لايفوتنى إلا أن أقف وقفة إجلالا وإحترام لكل الذين صنعوا الحدث بمدينة جنيف كل من سويسرا ، هولندا ، المانيا وفرنسا وايطاليا ، والتحية للذين ساهمو فى المظاهرات التى قامت فى كل من لندن وملبورن ... والشكر كذلك موصول لكل الذين كتبوا داعمين لهذه المظاهرات حتى تكون واقعا معاشاً واخص ليس من باب الحصر على رأسهم : الاخ محمد رمضان الذي خصص عدة مقالات فى هذا الشأن وكذلك الاخ سعيداي محرر موقع ارتريا اليوم فى كتابته لبعض المقالات المشجعة فى هذا الإتجاه والاخ الشاعر/ صالح ابراهيم انجابا وما خطه من مقالات وما نظمه من شعر والشكر موصول للمواقع الارترية على راسها موقع فرجت وموقع عونا وموقع ارتريا اليوم وموقع من أجل ارتريا .. والشكر موصول لمنظمة السلام والديمقراطية لتنظيمها لهذا العرس وكذلك الشكر للاستاذ احمد سرور والاستاذ عبدالله والاخ الثائر المناضل أقليواى وأخص الشكر الجزيل لصديقى واخى المناضل عبد الرازق ( ظاظا كرن) لما قام به من جهد وتفانى ونكران ذات ..
والشكر والتحية لكل الأخوان والأخوات الذين شاركونا الهم وتقاسموا معنا الفرحة والإنجاز فكانوا ضمن الحضور بإحساسهم وشعورهم وحالت بيننا وبينهم الظروف والجغرافيا ...
والى اللقاء فى مظاهرة اخرى من أجل الغضب والسخط على النظام فى عيد الاستقلال القادم ونحوله عيد إنقاذ الوطن وإسقاط النظام المستبد القمعى..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المغيبين واالمختطفين فى سجون العصابة الحاكمة فى ارتريا