بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا
فى الايام الماضيه كنا فى حالة استنفار للتصدى لاذيال النظام ، فعندما سمعنا بقدوم المتسول عبد الله جابر الذى أرسله الدكتاتور لجمع الفلوس للخزانة التى على وشك الإفلاس. لقد تتبعنا الأخبار وعلمنا ان هناك مهرجان سوف يقام على شرف ممثل الطاغيه عبد الله جابر فى يوم 4/6/2011 للإستمتاع والرقص والعربدة فى مهرجان التسول ، بينما الشعب الإرترى يعانى البؤس والإستبداد فى عهد نظام الهقدف ، فلذا كنا نسعى لمعرفة المكان والزمان لكشف جرائم النظام امام الرأى العام ، فأعددنا العدة للتصدى والخروج فى مظاهرة سلميه تعبر عن سخطنا وغضبنا ضد اذناب الهقدف ومراسله ، فعلمنا كل مجريات الامور فتم تكليف لجنة من أجل إجراء الإجراءات القانونيه لكى نخرج فى مظاهرة سلميه مناوئه .
فعندما اتصلنا بالشرطه بهذا الشأن أبلغتهم الشرطة بان الحفل تم الغاء بإخطارصاحب الصالة بعدم السماح لقيام الحفل ، ومن ثم قامت اللجنة باخطارنا بان الحفل تم الغائه ، وبناءاً على هذا كان الشباب فى حالة ترصد لاخبار انصار الهقدف ولمعرفة اين سيقيمون الحفل فى اى اقليم ( كنتون) . فالكل منا فى حالة ترقب وتربص حتى نعلم المكان والزمان .. ولكن انصار الدكتاتور كعادتهم كانوا يخفون الخبر خشية من الشباب الثائر ، وقاموا بالتحا يل على القانون ، وإستعانوا بشخص يدعى د/انتونى وهو من اصل سويسرى ويتمتع بعلاقات شخصيه وقويه مع الدكتاتور و كان يقدم الدعم للجبهة الشعبيه إبان حرب التحرير ويعتبر صديق للنظام الارتري وقد قام بعد التحرير بانشاء منظمة ارتريه سويسريه من اجل تقديم المساعدات والعون لعصابة اسمرا وكانوا معه سويسريون وعندما اخذ النظام منحى اخر وذهب فى القمع والاستبداد تخلى عنه كل السويسريون الذين كانوا اعضاء فى هذه المنظمة . وظل د/انتونى لوحده فى دعم النظام وتقديم العون حتى منحته السلطة الفاسدة والظالمة الجنسية الارتريه واطلقوا عليه السفير الفخرى لدولة ارتريا . اراد الرجل أخراج مراسل النظام من الحرج والهزيمه المؤكده امام شباب التغيير بسويسرا ، فقام د/انتونى الذى يتمتع بعلاقات شخصيه مع الاحزاب السويسريه ولا سيما هو فى الاصل سويسرى باستخراج تصريح خاص من الجهات العليا للإحتفال فى صاله مغلقه بعيدة عن اعين شباب التغيير ووصلنا الخبر بينما نحن فى حالة ترقب و ترصد فأقمنا فى يوم3/6/2011 لقاء خاص عبر البالتوك من اجل الاعداد وماهى امكانية الخروج فى المظاهرة . فكان النقاش حار وحاد بين الشباب فى تلك الليلة فهناك من كان يرى علينا الخروج حتى اذا كلفنا الامر حياتنا ويستدل على ان لنا اخوة مضوا من هذه الفانيه فاين نحن منهم!! ، فهناك من كان يرى يجب ان نخرج و نذهب جميعا الى الشرطة ونحاول نفهمهم الوضع وان مظاهرتنا ستكون سلميه .. ومجموعه اخرى كانت تري يجب علينا مراعاة قانون البلد المضيف فلم نصل الى إتفاق حتى نهاية الساعه الثانيه صباحاً ، ثم قام الاخ قيتؤم وهو يعتبر من القدماء وله ثلاثين سنه فى سويسرا بالتدخل واستطاع ان يمتص حماس واندفاع الشباب قائلاً (اذا خسرنا هذه الجوله فانها ليست النهاية وستكون لنا جولات اخرى علينا ان لانفقد الطرف السويسرى بالتهور والاندفاع فإذا كنا نحن نطالب بدولة القانون يجب علينا احترام القانون) وكانت لكلماته وقع خاص وحفزتنا فى التريث وعدم الإنزلاق فى مغبة الفوضى والتهور حتى لايستفيد انصار الهقدف من تصرفنا تحت الغضب.
الشباب استسلم تماماً لهذه الحكمة واعتبر الامر انتهى وتفرقنا عند الساعه الثانيه ونصف صباحا ولكن الزمنا اللجنه المسؤله من التصريح ان لا تيئس ويجب ان تراجع الشرطه حتى اخر لحظه فكنا فى انتظار النتيجه . وعند الساعه 10 صباح تم الاتصال بنا واخبرونا بان الشرطة سمحت لهم شفويا عندما اخطروها كيف تسمح لاتباع الدكتاتور بالاحتفال وتحرم الشباب الثائر امام الظلم الذى يعسف اهلنا فى الداخل بالتظاهر فردت عليهم الشرطة هؤلاء الناس حفلتهم فى صاله خاصه والقانون السويسري يسمح للحفلات المغلقة ونحن لا نستطيع التدخل الا فى حالة الاخلال بالامن . وانتم تستطيعون ان تخرجوا وعلى مسؤليتكم الخاصة عندما سمعنا الخبر فكل واحد منا كان يتصل بالمحيط الذى حوله من الشباب حتى يكون الحشد كبير ولكن للاسف معظم الشباب قد ذهب للعمل وانصرف الى حياته الخاصه . ولكن بعض الشباب تحمل المسؤليه و ترك كل ما لديه من مشاغل ولبي النداء وتحرك صوب مدينة فنترتور بكنتون زيورخ . والتقينا هناك وكان العدد لابأس به ويتزايد مع كل قطار قادم واجتمعنا فى ساحه عامه ثم تحركنا صوب الصاله لكى نعبر عن حالة السخط والغضب ضد الكبت والقهروكان السير فى موكب رهيب ومنظم اعجب السويسريين. وصل الموكب الى مكان قريب جدا من صالة الحفل وبدأ الشباب بالهتاف ضد النظام واذياله ثم حضرت شرطة العمليات بشكل سريع وقاموا بمحاصرتنا وكانوا يمنعون الشباب من الخروج ولا سيما هناك بعض الشباب لايعرف المنطقه كان يتصل لكى يصل لمكان المظاهرة وتوافد الشباب حتى بلغ عدد الحضور حوالى 200 شخص وعندما رأت الشرطة ان العدد فى تزايد قاموا بسحب الشباب فردا فرد وتم التحقيق فى هوياتنا وثم تفتيشنا تفتيش دقيق وقاموا بتدوين بياناتنا وبعد ذلك أخبرونا بانهم سوف يرسلون لنا غرامات ماليه عبر عناويننا بسبب خروجنا فى مظاهرة غير مصرحه وبعد ان يكملوا الاجراءات يأمروننا بالخروج من المدينة نهائيا لمدة اربعه وعشرون ساعه وغير مسموح لنا بالتواجد فى المدينة والا سوف يكون هناك اجراء اخر اذا تم ضبط الشخص مرة اخرى . وفى هذه اللحظات كان الشباب يهتف بسقوط الدكتاتور ولم يخشى شيء وكان صامد والشرطة تسحبهم فرد فرد والشباب صامد صامد الى اخر شخص كان فى الساحة حتى تم افراغ الساحه من الشباب .
الملفت للنظر عندما رأى السويسريون موقف الشباب وقوة صمودهم وتمسكهم بقضتيهم ومطالبتهم بالحريه والديمقراطيه والعودة الى بلادهم .فتعاطفوا السويسريون فقاموا بكتابة لافته باللغة المحليه اى الالمانيه الحريه للمعتقلين والسجناء ووقفوا تضامناً مع الشباب وكان عددهم ما بين 20 الى 15 شخص وكانوا يتبادلون الاشارات مع الشباب من على البعد . والشيء الثانى حضرت بعثة التلفزيون السويسرى وهى محطة عالميه وليست محليه غطت الأحداث.
الشيء الذى شد انتباهى واستوقفنى ابداع الشباب وحماسهم الزايد الذى كا ن يبعث رسالة قوية الى اتباع هقدف قائلاً اننا وراءكم اين ما كنتم حتى يسقط الدكتاتور ، ولكن لسبب ضيق الوقت والاستعجال لم يتمكنوا من كتابة اللافتات والشعارات فقاموا بالحضور وسجلوا موقف مشرف للبذل والعطاء من اجل الشعب المغلوب على امره.ابدع الشباب حينما قامت الشرطة باقتلاع شعاراتهم التى كانوا يحملونها وهى كانت على القماش فاشتروا اطباق طعام ورقية وكتبوا على ظهرها باللغه المحليه والانجليزيه شعاراتهم ومطالبهم فكانت لفتة بارعه واثبتوا عبرها انهم اصحاب حق ولهم قضيه وليس دعاة الهوى والفوضى. فكانت المظاهرة تتسم بالتنظيم الرائع والسلوك الحضارى حتى جعلت افراد الشرطة السويسريه يتعاملون معنا بصورة ممتازة وكانوا يشيدون بالسلوك والتعامل الراقى. وكانت لكل شخص قصة وحوار مع افراد الشرطة ومن الحكايات قال لهم شاب ان لم توقفوا انصار النظام سوف ياتوا اليكم لاجئين ويتضاعف الرقم اى سبب لجؤنا ونزوحنا اليكم هو النظام .
لا استطيع فى تلك اللحظات ان اوصف شعورى وشعور الشباب والفرحة كانت تغمر الجميع بدون استثناء اعجابا لروح التصدى والصمود وعدم التزحزح فحقًا كان تحدى حقيقي . فبكل صدق كانوا يفخرون انهم ارتريون وينتمون لشعبهم وامتهم وكانوا يذهبون مرفوعين الرأس . فهل التاريخ يسجل موقفهم ويذكرهم فى سجله؟
فالحكم لكم يا اخوتى ماذا انتم قائلون فى شباب ارتري حر ينتفض من اجل كرامته وكبريائه.
هنا فى هذه العجاله اتمنى كل الشعب الارتري فى الخارج ان يخرج فى الفاتح من سبتمبر فى مظاهرة تعم كل بقاع العالم حتى نعلن ثورة تحرير الانسان الارتري من العبودية والاستبداد . كما اعلنها القائد الشهم حامد ادريس عواتى فى هذا اليوم ، و نتمنى ان يتحول هذا اليوم ونصنع فى هذه الذكرى ثورة اخرى تحمل معنى التحدي والصمود وثورة من اجل الانعتاق والتحرر ... فنحن هنا فى سويسرا قطعا العهد من اجل هذا اليوم وسف يكون لنا كلمة اذا مد الله فى الاعمار الى ذلك اليوم ...
لا ضاع حق وراءه مطالب ...