25/01/2015
طائفية النظام امام قبليتنا
محمود طاهر / زيوريخ
يطرب الكثير منا عند سماع واطلاق صفة الطائفية على نظام الاستبداد في اسمرا،
والبعض يعتبر عدم ذكر هذا النعت في كتابات بعض المعارضين التي تتناول الوضع الإرتري
تحيزا لصالح النظام، لأننا ننظر للأمور بمنظار الابيض او الأسود، مهما كانت
الاسباب والمبررات، وكأن اطلاق هذه الكلمة يضعف موقف النظام الخائف على سمعته، في
حين نغرق معارضةً في شبر القبيلة .
لذلك علينا ان ننظر للأمر بموضوعية وعقلانية دون اطلاق مثل هذه
الاوصاف على عواهنها فمسألة طائفية النظام من عدمها يجب ان لا تأخذ كل جهدنا
وتفكيرنا لان النتيجة واحدة، بل يجب ان نركز جهودنا ونقاشنا في كيفية ايجاد قواسم
مشتركة تخرجنا من عنق الزجاجة ، وان حالنا لا يختلف عن حال كل الديكتاتوريات
المستبدة التي لا تستشير شعوبها او طوائفها في هذه الخيارات الكارثية، وانما تضعهم
امام الامر الواقع، وتجعل من طوائفها وقبائلها رهينة لطموحات شخص مريض وصل صدفة او
خسيس تسلق مكراً الى سدة السلطة، وعند ما تقوم هذه الانظمة بهذه الخطوات الغير
اخلاقية انما تقوم بذلك تثبيتا لأركان سلطتها وليس حبا في ابناء جلدتها، ولان عدم قدرتنا
على مناقشتنا لقضايانا المصيرية بطريقة شفافة وموضوعية بيننا، وصلنا الى مانحن
عليه الاَن من انحدار مستوى تمثيلنا من الطائفة والتي هي اكبر الى مستوي اقل واكثر
خطورة الا وهي القبيلة، وهو ما نعايشه في
الوقت الراهن على ارض الواقع، والذي جاء نتيجة للعجز وعدم القدرة في الخروج من
دائرة الشك حول الاخر، فاستبدلنا الحوار والنقاش بالتحريض والنفخ على وتر المظالم
بطريقة ذرائعية لتحميل الامر طائفة بعينها، ومن ثم دخلنا مرحلة اخرى جديدة من خلال
تحميل كل قبيلة لأخري مسؤولية ما الت اليه اوضاعها .
فلو نظرنا الى الامر سنري كيف استفاد النظام من نشر هذه الروح
العدائية بيننا من خلال اشاعته لعدم الثقة بين المكونات المختلفة، في الجانب الاخر
ادى التجييش المصاحب لكتاباتنا ونقاشاتنا (الدكاكيينة) المنغلقة الى مرحلة مخيفة من
العداء وعدم التعاطف عند نكبات بعضنا،
ففقدنا انسانيتا التي تحتم علينا التعاطف مع الانسان بعيدا عن دينه او عرقه او
انتمائه السياسي، فقدنا هذه الخصلة التي تمثل جوهر كل الاديان والنظريات، فاصبحنا
ننظر لجثث من غرق في البحر الابيض المتوسط ولصور من عانى الامرين من تجارة البشر
في صحراء سيناء بطريقة تحس فيها التشفي من هؤلاء الضحايا في ماَسيهم الانسانية،
نتيجة لتبلد الاحساس الذي غدته كتاباتنا ونقاشاتنا، فلوكان الديكتاتور يهتم لأمر
طائفته لما حدثت كل هذه الكوارث وغيرها لأبناء جلدته، فكم من شخص منا تعاطف مع غرق هؤلاء الضحايا؟ مقارنة
مع كم منا قال (الله لا جاب باقيهم )، فالإنسان اصبح عندنا رقما ليس ذا قيمة،
يفتقد التعاطف ويكتسبه من خلال طائفته او قبيلته وهذا بالضبط ما تسعى اليه الانظمة
المستبدة في دق اسفين الفرقة بين المكونات، لإطالة امد بقائها من خلال سياساتها
الطائفية او القبلية كانت، فلو كان النظام اراد لهم غير ذلك لقام بأبسط شيء وهو القبض
على عصابات الاتجار بالبشر والتي اتهمت تقارير اوربية بتورط النظام في ممارستها والتكسب
من ورائها، أي انه يتجار فيما نعتبره بانه حامي حماهم، من ناحية اخري اكثر من يغذي
خزينة النظام بالعملة الصعبة هم المسلمون المنتشرون في منطقة الشرق الاوسط، والتي
تمثل منطقة كثافة للجالية الارترية المسلمة، وهذا ليس برضاهم ولكن بسبب حملهم
للجواز الإرتري، هل يمكن ان نعتبر هؤلاء مجرمون ايضاً ؟ ام هم ضحايا ايضاً ربط النظام
لقمة عيشهم بدعمه مادياً؟؟؟
فعودة الجميع الى حضن القبيلة او استنساخ نفس التجربة وان بطريقة
مغايرة لا تؤدي الى دولة المواطنة والعدالة ابداً، ولا يمكن ان تعيد حقاً سلب ، بل
هي تخدم النظام اكثر مما تنفع قوى المعارضة، لما تتسب به من شروخ مجتمعية اكبر بكثير من الطائفية، فلو
افترضنا ان الطائفية قسمت المجتمع الى قسمين، فما هي النتيجة التي ستوصلنا اليها
القبيلة؟ بالطبع اسواء وافضح فالتشظي سيصيب حتى هذه القبائل بما يحولها الى عشائر
وبطون متناحرة، وهذا المصير هوما يخشاه الكثير من الارتريين لذلك تجدهم يقفون ضد المعارضة، وفي احسن الاحوال
يختارون ا الحياد السلبي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق