01/06/2016
محمود طاهر زيوريخ
01/06/2016
الأحزاب والتنظيمات بمختلف أيدولوجياتها وتوجهاتها الفكرية والسياسية
هدفها الأول والأخير رفاهية الشعوب واحترام أدميتها، وذلك حسب الأدبيات المختلفة
لكل تلك الجهات .
وفي العالم الثالث بصفة خاصة، نجد أن الايدلوجية والحزبية أصبحت هي
الهدف في حد ذاتها وليس الشعارات والأهداف، التي ملئ بها المنظرين والكتاب أعين وأسماع
الشعوب، وذلك بمجرد الوصول للسلطة أو في سبيل بلوغها، لذا نجد أن تلك النظريات والكتابات
تصبح اثر بعد عين في الممارسة اليومية والحياتية، ولا يتم استدعاء تلك الشعارات إلا
عند الملمات الكبرى والتي تهدد وحدة وتماسك التنظيم أو الحزب .
فنحن في إرتريا لنا نصيب كبير من تلك الممارسات الخاطئة، والاستغلال
السيئ لعواطف المواطنين عبر الشعارات الفارغة من مضمونها طوعاً أو كرها، فنعلي
الحزبي على المبدأ، فبدل أن نعمل بالمثل القائل ( الرجل المناسب في المكان
المناسب)، نقوم برفع شعار ( لصي اشرف من شريف غيري )، هذه من عندي، وهنا ينتفي مبدأ
العدالة التي نطالب بها ونرفعه في وجه الديكتاتور، وينسحب ذلك حتى داخل التنظيمات،
وهذا داء تعاني منه كل التنظيمات الإرترية دون استثناء بمختلف توجهاتها وأيدولوجياتها،
وترجع في إسناد المناسب القيادية إلى ممارسات غير ديمقراطية وبعيدة عن العدالة، حيث
تكون الأولية للشخص القريب من القيادة بغض النظر عن كفاءته، وكما يقول المثل
البلدي السوادني (كسار التلج)، وبذلك تفقد الأحزاب والتنظيمات الكفاءة، بإسناد الأمر
إلى المتملقين وأصحاب الولاء للأشخاص دون المبادئ، ما يعني أن النفس الإقصائي اصبح
عندنا ثقافة سياسية لا تستوجب حتى الاستنكار.
ومن النماذج السيئة والصارخة أيضا والمرتبطة بممارسة الايدلوجيا
السياسية التي تسللت إلى ساحتنا، أن تجد شخص يقف بكل قوة وجسارة ضد النظام
الديكتاتوري في إريتريا، وفي المقابل تجده يساند جزار دمشق بقوة اكثر من الأولى،
في تناقض غريب وفج، وفي تمييز واضح وفاضح بين الضحايا، ولان المجرم الأول لا يوافق
هواه، والثاني رغم إجرامه الذي فاق الخيال يعتبره بطل خارق، لتوافق الايدلوجيا
بينهم ، وللأسف يردد مبررات وادعاءات أثبتت الأحداث والمواقف القريبة والبعيدة
كذبها وزيفها، وفي هذا تغييب متعمد للعقل والمنطق وإعلاء لروح الكراهية والانتقام ،
وتجده يدافع بكل فخر واعتزاز عن تلك الجرائم، وهذا الشخص في نظري تجرد من إنسانيته في سبيل الايدلوجيا، وهذا لعمري عار لا يستر
عورته أي مبرر .
في جانب الأخر تجد من يدعي الليبرالية والتنوير في صف واحد مع دعاة الفاشية الجديدة
التي تقوم على تصنيف الناس صالح وشريف وخائن وعميل وفق عداء ايدلوجي، مثلاً أن تجد
شخص يقف بكل ما يملك من علم ووقت ضد اسياس ويتحدث عن جرائمه واستبداده وفي نفس
الوقت تجده من المدافعين بشدة عن نظام ديكتاتوري أخر اكثر دموية من اسياس ويضع إنسانيته
المدعاة في الثلاجة والسبب إن الطرف المسحوق أو المستهدف على النقيض منه فكرياً .
وهذان النموذجان يمثلان صراحة امتداد لتفكير كثير من النخب التي تدافع
عن تلك الأنظمة الديكتاتورية صباح ومساء، مع الاختلاف في إن تلك النُكب عفواً
النُخب تتلقى مقابل ذلك رشوة مالية أو سياسية أو تحافظ على مصالحها التي اكتسبتها
بالغش والتدليس، بعد أن أضحت الأيدولوجيات في زماننا باباً كبير للاسترزاق، وهنا
يتبادر إلى ذهني سؤال، ماهي المكاسب التي يجنيها هؤلاء من موقفهم الغير أخلاقي في
التمييز بين الضحايا ؟؟؟؟ غير التعصب
الايدلوجي الاعمى الذي اخرج صاحبه من دائرة الإنسان إلى فعل الحيوان، مع الاعتذار للحيوانات
التي نرمي عليها كلى سوءاتنا .
بمعنى أننا غلَبنا هوانا ومصالحنا على ما نعتنقه من أفكار وأيدولوجيات
مختلفة بعيداً عن صحتها أو خطلها، فبدل تطبيق تلك المفاهيم والقيم التي تحملها والمستمدة
منها، عملنا على الاحتفاظ بتلك المفاهيم في الكتب والاستدلال بها عند الحاجة، أما
الممارسة الفعلية فهي نتاج العقلية الحزبية الإقصائية المستعلية التي لا تري إلا
نفسها والأخرون يمثلون ظل لتك الشخصية المتضخمة، وهذا هو ما أطال أمد نضالنا ضد
الديكتاتور، فالأفكار والأيدولوجيات ابدأ ما كانت هدفا في حد ذاتها بل هي وسيلة
نعمل من خلالها على خدمة المجتمعات، وما دام تفكيرنا لا يتخطى هذه المحطة فان
البديل المنتظر لن يختلف كثيرا عن الديكتاتور المستبد إن لم يكن أسواء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق