الجمعة، 31 يناير 2014

30/01/2014

 

الوطن بين اطماع البعض وطموح الاخرين

محمود طاهر/ زيوريخ 


31/01/2014

كيف لنا ان نبني وطنا ونحن على هذه الشاكلة من التشرذم والتفرق، الكل يريد حقوقه الخاصة في اطاره الاثني، على الرغم من ان الجميع هم ضحية النظام الديكتاتوري، باستثناء القلة  المنتفعة  تحت لافتة الاقليم والطائفة اضافة لبعض اللئام كلاب الحراسة القانعين ببقايا فتات المائدة ، ومع تفاوتت درجات الاقصاء والتهميش من منطقة لأخرى بالطبع، لماذا يرفع بعضنا سقف مطالبه اقصى ما يمكن تخيله، هل اصبحت نظرنتا للوطن من زاوية القبيلة والعشيرة ؟ واصبحنا نختزل الوطن في هذه الحيز الضيق، وضربنا بتضحيات الاجداد ومن بعدهم الاباء عرض الحائط ، لماذا وصلنا الى هذا الدرك من التفكير؟ هل الامر مرده الى افتقاد المعارضة الارترية الى بوصلة القيادة فكرا وادارة ؟ ام ان ما حدث من شرخ اجتماعي جراء سياسات النظام كان كبيرا بحيث تجاوز المعارضة ، وافقد الثقة بين المكونات وكان ارتدادات الفعل لهذه السياسة، ما نراه من تنظيمات قومية برزت على الساحة ذات مطالب جهوية بلغت حد تقرير المصير كمطلب غير قابل للتفاوض، وسط هذه المشاكل الفارضة نفسها على ساحة المعارضة، لابد من اعمال العقل في طرح ومناقشة مثل هذه القضية  الشائكة لان الطرح اصبح له مؤيدين كثيرين لا يجب التعامل معه بسياسة ترحيل الازمات لان خطورتها لا تحتمل التأخير او التأجيل .

 لذا لابد في البداية من الاقرار بافتقاد المعارضة للمبادرة التي تحقق طموح الجميع واسباب ذلك يعوض في المقام الاول لضعف المعارضة وتشرذمها وبعدها عن الواقع السياسي في الداخل الارتري فما يعرفه الناس عنها لا يتجاوز الا ما يبث عبر وسائل اعلام النظام، ثانيا / عدم تطور فكر وخطاب المعارضة الذي ما زال يراوح مكانه ويعمل على افشال أي مبادرة من شانها ان تعمل على مواكبة متطلبات المرحلة، ثالثا / سياسة النظام التي اججت المشاعر القومية من خلال انتهاج اساليب متعمدة بان تجعل من الشعب شيع واحزاب يسهل قيادته وتوجيهه، لان الديكتاتورية لا تهدف الى بناء وطن بقدر ما تهدف الى تثبيت اركان حكمها، ويعتبر هذا من الاسباب الرئيسية اما السالف فهي اسباب ثانوية ضاعفت من الحالة ولم تتسبب بها ويجب ان نستصحب هذا في مناقشة الواقع .

وعند تناول القضية بموضوعية يجب ان نقر بالأمر الواقع ونبتعد عن المزايدة بالوطنية لان التعامل الخشن والتحقير لا يؤدي الى نتيجة بل يزيد الامر تعقيداً واحتقاناً، و معطيات الساحة تظهر كل صباح جديد ان هذه التنظيمات تخطو بثبات وثقة وزيادة في ترسيخ فكرتها بسب دافع قوي الا وهو تواصل الانتهاكات بحق الشعب بصفة عامة، كما ان الاستعداد العالي من الشباب في التضحية بالروح من اجل قضيتهم العادلة جعلت من الحياة والموت سيان عندهم ،فإما حياة تسر الصديق واما ممات يغيظ العدى، فهذه التنظيمان لديها خزان بشري هائل جله من الشباب ويظهر ذلك جليا في الجانب العسكري، حتى وان افتقدت للحنكة السياسية ولكن هذه مقدور عليه بمرور الوقت بالاستفادة من الخبرة التراكمية ،في المقابل تتراجع التنظيمات الاخرى التي في حقيقة الامر لا تختلف كثيراً من حيث بنيتها التنظيمية ما عدا في الطرح السياسي امام هذه التنظيمات الصاعدة ،فهذ الخلل يجب تداركه قبل ان يصبح مصير الوطن في يد مجموعات يغريها ضعف المعارضة وتتبنى سياسة تطرف قومية لا تؤمن بالنقاش والحلول الموضوعية ،وتركن الى تحقيق تصوراتها عبر فوهة البندقية، وتكون عواقبه وخيمة على المجتمع ، ومن محفزات التنظيمات القومية في اقتفائها هذا الاثر هو ما يرونه في دولة اثيوبيا، من حق القوميات في حكم اقاليمها وإدارتها وفرض اللغة للتدريس بها ولو في المراحل الاولية ،على الرغم من الواقع ليس بالمثالية المنصوص عليها في الدستور الفيدرالي لأثيوبيا، ولكنه يبقى النموذج الحاضر الذي حفظ الاستقرار في دولة كبيرة كانت تعاني كثيرا من السياسات الاقصائية، كما ان النظام يتبنى الفكرة ويعمل على نشرها، هنا لا اقصد بانهم صنيعة بل هي التقاء مصالح فرضت نفسها لدواعي بعضها جغرافي وتداخل قبلي والاخر في علم الغيب.

واذا اردنا ان نضع الحلول لتجاوز المشاكل في المستقبل بعد سقوط النظام وزواله يتطلب بناء ارضية مشتركة وزرع عامل الثقة بين قوى المعارضة وذلك من خلال وضع حلول عملية لهذه القضايا الشائكة، وان لا ينُظر للأمور بمنظار السبعينات بل وحتى التسعينات لان التفكير ومفهوم الوطن والمواطنة تغير في عموم المنطقة وليس في ارتريا وحدها ، واصبح  التعامل معه بلغة الحوار شر لابد منه، ووفقا لهذا المفهوم الثقافي المستشري في المنطقة لابد من ابتكار طرق حكم بديلة غير تقليدية تتماشي مع مجتمعاتنا به مسحة من ثقافتنا المتسامحة، والبعد عن طريقة اسقاط نظريات حكم نجحت او قد تكون ادت الغرض في مكاناً ما، فلكل شعب خصوصية ثقافية لا يمكن معها ضمان نجاح الفكرة المستجلبة او المستعارة، ولابد من مراعاة التوزيع العادل للسلطة والثروة لأنها اُس البلاء ، وضمان العمل على تكافؤ الفرص في جميع المجالات، الخدمية خاصة ، لان استئثار المركز بكل مقومات الحياة والرفاهية وبقاء الاطراف محرومة منه ، امراً لا يمكن تبريره في عالم اليوم في ظل بروز وارتفاع وتيرة هذه الحركات المطلبية المرتبطة بالقوميات او الجهات في المحيط الاقليمي، وما يمثله ذلك من فرص قابلة لاستثمارها من القوى الاقليمية والدولية المتربصة بمنطقة القرن الافريقي والتي تمثل فيه ارتريا موقعاً مهماً للاعبين، فالإنسان خلق ليعيش على الارض ويعمرها ولم تخلق الارض لتصبح قبوراً فقط لاستقبال جنازات الضحايا من المتصارعين على المغانم .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المغيبين واالمختطفين فى سجون العصابة الحاكمة فى ارتريا