19/10/2013
صدى
غرق العبارة المنكوبة
محمود
طاهر / زيوريخ
mahmoudtaheir@yahoo.com
20/10/2013
بينما
كنا مجموعة من الإرترين جالسين في مكتب الإ ستشارات القانونية بمدينة زيوريخ ننتظر
فتح المكتب، بعد ان سجلنا أسمائنا في ورقة، وهذا المكتب يقصده كل اللأجئين بالكنتون لمتابعة الإجراءت القانونية او
الاستشارة القانونية، فمعظم الإرتريين جاؤ لتحريك الملفات القديمة الخاصة بافراد
عائلاتهم الموجودين باثيوبيا او السودان او ليبيا، الذين توقفت إجراءتهم بفعل القوانيين
الجديدة، وبعد حادث غرق العبارة والتعاطف الدولي الكبير مع المنكوبين جاؤو لتحريك
هذه الملفات لعل وعسى يستجاب لهم .
وكنا
جلنا من الإرتريين معظمنا رجال الى جانب ثلاثة سيدات احداهن كبيرة في السن واحدة
جلست بعيدة منا وبينما كان الصمت سيد الموقف ألاً من بعض الافراد الجدد الذين
يسالون من اللستة لكي يسجلوا اسمائهم، وسط هذا السكون جاء احد القساوسة الشباب،
وبعد ترحيب من الجميع والسؤال عن الحال والأحوال، سأل الشاب الذي دلني على المكتب
القسيس ماذا نقول على الشباب الذين ماتوا غرقاَ في البحر على الشواطئ الايطالية هل
نقول انهم اخذهم الله ام غيرذلك ! لان الشخص اذا مرض ومات بعد معاناة مع المرض يمكن
أن نقول عليه ذلك إما أن يموت الاطفال والنساء والشباب بهذه الطريقة لايمكن ان
نطلق عليهم لفظ ان الله اخذهم؟واضاف أن هؤلاء الشباب هربوا من الاضطهاد الى
اثيوبيا ومنه الى السودان والمعاناة تلاحقهم ومنه الى ليبيا حيث الجحيم وقال انه
في حكم القذافي كان يتم الإعتداء علينا من قبل الاطفال، اما اليوم فالناس تعاني من
الخطف والسجن ودفع الفدية في وجود المليشيات المتعددة، واصبحت حياة الشباب في خطر
وبعدها يأتي الخطر الاكبرالا وهو ركوب البحر وبعد كل هذه المعاناة المتكررة يصبح مصيرهم الغرق بهذه
الطريقة المحزنة، هذه الأحداث ينفطرلها قلب الإنسان، وكانت احدى النسوة تتفاعل مع
حديث الشاب بالإيماء،ولم ينتظر الشباب
رد القسيس، وتدخل احد الشباب وقال ان بعض
الارتريين في استراليا كانوا يشاركون في حفل ساهراقامته فرقة فنية ويرقصون على جثث
إخوتهم ماذا نقول لامثال هؤلاء هل اصبحت حياة الإنسان الإرتري عندهم رخصية لهذا
الحد، ايطاليا أقامت لهم الحداد في جميع مدارسها ونكست لهم الأعلام، اما نحن اصحاب
الوجع الحقيقى فالامر كان إعتيادياً، فتلفزيون الحكومة اشار اليهم بمهاجرين افارقة
غير شرعيين، في إنعدام واضح للضمير والإنسانية، فمثل هذه الأحدث المؤسفة تتم
بإستمرار فلم تكن الاولى ولن تكون الأخيرة مادام الديكتاتور ممسكاَ بزمام الامور
في البلاد، وقد مات غرقاً المئات في مثل هذه الرحلات التى تفتقد لابسط مقومات
السلامة ،ولكن لإن ماجرى كان على مقربة من الشواطئ الايطالية، لذا كان صدى الحدث
كبيراً والتفاعل جاء من كل العالم وسلط الضواء على معاناة الإرتريين في ظل النظام
الديكتاتوري،وجاءت مشاركة الثالث بالقول اننا اتفقنا في تمرين لكرة القدم ان نقيم
فعالية بإيقاد شموع في اليوم الثاني للحادث تضامناً مع الضحايا وتعاطفا ًمع ذويهم،
ولكن تدخلت ايادي النظام فافشلت الفعالية، ومثل هذه الأحداث الجسيمة يجب ان لا
تخضع للمعايير السياسية لان الضحايا هم إرتريين وكان يتحدث بطريقة متشنجة، اما
مشاركة الجنس اللطيف فكانت عن طريق الكبيرة في السن وذكرتهم بالوئام والمحبة التي
كانوا يعيشون فيها في ليبيا اما الاُن بعد خروجكم من دائرة الخطر ووصولكم الي بر
الامان دخلت بينكم الفرقة والبغضاء، ولابد ان يتفق الجميع على كلمة سواء لإعادة
اللحمة الوطنية،وعاد وتحدث الاول عن ان العزاء ممنوع بامر حكومي في إرتريا وسيتم
الامر في هدواء دون مراسم دفن، وبعد حديثه مباشرة فتح المكتب وكلنا أخذنا ورقة بموعد
المقابلة وانصرف كل منا الى حال سبيله.
هكذا
هي الديكتاتوريات ليس بمقدورها بناء الدول او المحافظة على الاوطان والشعوب بل
تحول الاوطان الى اوكار للجريمة المنظمه، فمع سقوطها تسبح البلاد في فوضى عارمة
كما حدث في ليبيا القذافي، وعلى طريقه يسير الطاغية اسياس، فكم من السنين سنحتاج
لإقتلاع السلطة المافيوية، وما هو المقابل الي سيدفعه الشعب في سبيل ذلك ومن ثم
الى كم من الزمان سنحتاج لمحو اًثارتلك الحقبة الفاسدة والمدمرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق