الجمعة، 13 أبريل 2012

الشـاهد تحاور أستاذة بالعلوم السياسية حول الصراع الإثيوبي الإريتري

الخرطوم (الشـاهد) ــ تتميز منطقة القرن الأفريقي بتوتر دائم أو شبه دائم بين بعض دولها. ويتضح ذلك في أن الخريطة السياسية لمنطقة القرن الأفريقي عقب الاستقلال تناقضت إلى حد كبير مع التوزيعات القومية والعرقية والإقليمية والقبلية واللغوية، حيث فرض الاستعمار حدودا مصطنعة بين دول المنطقة.
هذا ويعتبر تجدد الصراع بين إثيوبيا وإريتريا الدولتين المنشطرتين في الألفية الثالثة من أكبر المهددات الأمنية لمنطقة القرن الأفريقي .
يشار إلى أن الصراع الإثيوبي الإريتري امتداد لصراع قديم بطابع جديد فهو يرتبط بتناقضات كبيرة بين الطرفين منذ أن كانا داخل دولة واحدة واستفحل بعد الانفصال باندلاع معارك بين الدولتين والتي تكبد فيها البلدان الكثير من الخسائر البشرية والمادية.
ولم يحل بعد النزاع المستعصي بين الدولتين على الحدود بعد انتهاء حربهما عام 2000 التي سقط فيها نحو 80 ألف قتيل، حيث قضت لجنة مختصة بترسيم الحدود الإريترية الإثيوبية عام 2002 بأن قرية بادمي الحدودية تتبع إريتريا.
ورغم ذلك القرار فإن القرية لا تزال تحت سيطرة إثيوبيا التي تعد حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي.
والجدير بالذكر أن إريتريا التي يقودها أسياسي أفوركي منذ استقلالها عن إثيوبيا في 1993، توجد تحت عقوبات أممية منذ 2009، بسبب دعمها لمقاتلين صوماليين مثل تنظيم الشباب المرتبط بـ”القاعدة”، كما تتهم إثيوبيا جارتها إريتريا بدعم مجموعات مثل جبهة تحرير أورومو ، التي تقاتل من أجل استقلال ذاتي لأكبر منطقة في إثيوبيا مساحة وسكانا.
وللمزيد من الفهم حول الصراع الحدودي بين إثيوبيا وإريتريا التقت شبكة الشـاهد الإخبارية الدكتورة فاطمة عمر العاقب أستاذة العلوم السياسية في جامعة الزعيم الأزهري بالخرطوم وأجرت معها الحوار التالي .
الشـاهد : مرحبا بك في شبكة الشــاهد الإخبارية.
د. فاطمة : مرحبا بشبكة الشـاهد ، ونتمنى لها مزيدا من التقدم والتطور.
الشـاهد : دكتورة فاطمة ، كيف تابعت التوترات الحدودية التي نشبت مؤخرا بين دولتي إثيوبيا وإريتريا ؟
د. فاطمة : نجد أن التوتر أو الصراع الحدودي بين إثيوبيا وإرتريا هو نتاج لسياسات “فرق تسد”، فعندما انفصلت إريتريا -عبر الاستفتاء- عن إثيوبيا لم يعمل المجتمع الدولي أو النظام العالمي الجديد برعاية وزعامة الولايات المتحدة الأمريكية على ترسيم الحدود بل أهملت مسألة ترسيم الحدود ، وهذا عن قصد وعن عمد من قبل النظام الدولي وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية حتى تكون هذه المنطقة الحدودية التي لم يتم ترسيمها مصدرا للضغط على دول المنطقة ، فأصبح ترسيم الحدود ليس من البنود الرئيسية في العام 93 ، 94 ، و95 من قبل المجتمع الدولي وإنما كان الهم الأول للولايات المتحدة هو جمع إثيوبيا وإريتريا في صف واحد لإسقاط نظام الخرطوم . لاحقا عندما اشتبكت إثيوبيا وإريتريا في حرب حدودية دعمت الولايات المتحدة الأمريكية إثيوبيا وأصبحت إريتريا هي الراعية الأولى للإرهاب في المنطقة مما يعني أن المصالح العالمية في المنطقة هي التي تحرك الصراعات ، فإذا كان هنالك ترسيم حدود منذ بدايات الانفصال لما حدث الصراع ولكن ذلك متعمد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية . فمصلحة إثيوبيا وإريتريا في مسألة الصراع أن تعي الدولتان أن هذا الصراع هو صراع مستحدث ومستجلب من الخارج .
الشـاهد : هل تعتقدين أن تكرار التوترات الحدودية الأخيرة سيؤدي في نهاية المطاف إلى اندلاع حرب طاحنة بين الدولتين الجارتين مرة أخرى ؟
د. فاطمة : نعم ، طالما أن الولايات المتحدة الأمريكية تتهم إريتريا بأنها ترعى الإرهاب في المنطقة وذلك من خلال دعمها لتنظيم القاعدة ، ويؤكد ذلك على إثيوبيا وهي الحليف الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة سلبا من خلال التوترات البينية . يعني ذلك أن هذا لايتفق مع استراتيجية الأمن القومي الأمريكية التي تمتد من المحيط الأطلنطي حتى منطقة القرن الأفريقي . فهذا تهديد مباشر للمصالح الأمريكية في المنطقة والتي تقوم بحمايتها إثيوبيا مما يعني أن دخول الدولتين في حرب هو أمر وارد .
الشـاهد : وهل يستطيع السودان أن يلعب في الوقت الحالي دورا فاعلا في تهدئة التوترات بين الدولتين ؟
د. فاطمة : لن يستطيع السودان أن يلعب دور الدولة المحورية الذي لعبه في السابق بالنسبة لإريتريا وإثيوبيا وذلك لأن مصالح السودان الاستراتيجية التي ترتبط بالأمن المائي والأمن القومي والأمن الحدودي نفسه يرتبط ارتباطا مباشرا بإثيوبيا أكثر منه إريتريا .
الشـاهد : كيف ترين مستقبل منطقة القرن الأفريقي على المدى القريب أو البعيد ؟
د. فاطمة : برأيي أن مستقبل منطقة القرن الأفريقي يحيط به الكثير من المخاطر لأن مستقبل دول المنطقة كإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان مربوط ربطا مباشرا بالمصالح الأمريكية في المنطقة، ولن تخرج هذه المنطقة من أزماتها مالم يتغير النظام العالمي الجديد من نظام عالمي أحادي القطبية إلى نظام عالمي ثنائي القطبية .
الشـاهد : وهل هناك كلمة تودين قولها عبر شبكة الشـاهد في ختام هذا اللقاء ؟
د. فاطمة : في ختام هذا اللقاء أود أن أحث دول منطقة القرن الأفريقي على دراسة تجربة الاتحاد الأوروبي لأن الاتحاد الأوروبي استفاذ من تاريخه الحربي وصراعه الطويل بوحدة لدول الاتحاد وكما أحث دول المنطقة على القيام بالتوافق على دمج اقتصاديات هذه الدول دمجا مباشرا حتى تكون المصالح المشتركة هي التي تضغط على الأنظمة السياسية، وطالما أنه توجد مصالح مشتركة يبقى لن يكون هنالك أي صراع أو توتر . وأن النفوذ الإقليمي يكتسب من خلال طبيعة العملية السياسية التي يقوم بها النظام السياسي في داخل الدولة ولايكتسب من خلال الدعم الخارجي المستجلب عن طريق مصالح وأهداف في دول المنطقة. ونسأل الله لهم التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المغيبين واالمختطفين فى سجون العصابة الحاكمة فى ارتريا